نتائج الاحصاء الاخير بالمغرب
وخاصه فيما يتعلق بعدد او نسبه الناطقين باللغه الأمازيغية
خلال فترة الإحصاء، سبق لنا أن نبهنا المندوبية السامية إلى أن الطريقة التي يُنفذ بها الإحصاء لا يمكن أن تقدم أرقامًا قريبة من الواقع فيما يتعلق باللغات. وذلك ليس فقط بسبب وجود نسختين مختلفتين من الاستمارات، بل لأن هناك إغفالاً واضحًا أو عدم اهتمام بالموضوع، مما يعكس عقلية قديمة لا تعطي أهمية كافية لقضايا مثل اللغة الأمازيغية. للأسف، هذه العقلية ما زالت مستمرة، سواء في المؤسسات أو في العديد من المجالات، رغم أننا قمنا بتغيير القوانين والمرجعيات الرسمية للدولة.
بالنسبة للإحصاء، سبق وأوضحنا أن هناك استمارتين مختلفتين: الاستمارة الشاملة التي تتضمن أسئلة عن اللغة، وهي نادرة الاستخدام، مقارنة بالاستمارة المختصرة التي يتم اعتمادها بشكل أكبر.
إشكاليات الإحصاء ومعايير تقييم اللغة الأمازيغية
خلال الإحصاء الأخير، واجهنا عدة مشكلات تتعلق بطريقة جمع البيانات، خصوصًا فيما يخص اللغة الأمازيغية. فقد لاحظنا أن فرق الإحصاء تدخل منازل العائلات الكبيرة دون توجيه أسئلة دقيقة عن اللغات المستخدمة. وفي نهاية المطاف، تقدم الدولة أرقامًا رسمية تُطرح للتداول، رغم أنها لا تعكس الواقع.
المشكلة الأولى
تكمن في أن معايير الجودة التي نص عليها الخطاب الملكي عند إطلاق عملية الإحصاء لم تكن متوفرة لا في الاستمارات ولا في طرق التنفيذ. وهذا يؤدي حتمًا إلى نتائج غير دقيقة. ورغم أن المندوب السامي يؤكد أن المعايير المتبعة معترف بها عالميًا، إلا أن نسبة الخطأ فيما يتعلق باللغة الأمازيغية، تحديدًا، ستكون كبيرة جدًا مقارنة بباقي المجالات.
المفارقات في الأرقام الحقيقية
للوقوف على هذه الإشكالية، دعونا نراجع الأرقام التالية:
- في عام 2004، أعلن الإحصاء أن نسبة الناطقين بالأمازيغية في المغرب بلغت 27%، رغم أن الإحصاء آنذاك كان غامضًا والاستمارات غير واضحة، ولم يكن هناك اهتمام كبير بالموضوع.
- في عام 2014، أي بعد مرور عشر سنوات على إدخال الأمازيغية في التعليم منذ عام 2003، انخفضت النسبة إلى 26%.
- وفي عام 2024، رغم الجهود المعلنة للنهوض بالأمازيغية، بما في ذلك اعتبارها لغة رسمية في الدستور وإقرار قانون تنظيمي لتفعيل طابعها الرسمي في 2019، تراجعت النسبة مجددًا إلى 25%.
هذا التراجع المستمر يشير، وفقًا للإحصاءات، إلى أن اللغة الأمازيغية في طريقها للاندثار، على عكس ما تدعيه الدولة بأنها تعمل على النهوض بها في مجالات التعليم والإعلام وغيرها.
إشكالية التعليم
رغم تصريحات المسؤولين، مثل وزير التربية الوطنية، بأن 30% من المدارس تُدرس الأمازيغية، فإن الواقع يشير إلى عكس ذلك. إذ كيف يعقل أن تنخفض نسبة الناطقين من 27% في 2004 إلى 25% في 2024، رغم مرور عشرين عامًا على إدخال الأمازيغية في التعليم؟
اهمية ربط المسؤولية بالمحاسبة
أمام هذا الوضع، يجب أن نطرح سؤالًا أساسيًا: من يكذب؟ هل الإحصاءات الرسمية التي تُظهر تراجع اللغة الأمازيغية؟ أم الحكومات المتعاقبة التي تدعي أنها تسعى للنهوض بها؟
إننا بحاجة إلى جدية أكبر في التزامات الدولة تجاه اللغة الأمازيغية، باعتبارها الهوية الأصلية للمغاربة وتراثهم الثقافي الذي أثر في مختلف مكونات الحضارة المغربية، وحتى الأندلس.
واقع الأمازيغية في التعليم
من المؤسف أن الأستاذ الذي يُدرّس الأمازيغية يُعامل بشكل يُهين كرامته، حيث يُعطى جداول زمنية غير مستقرة ويُطلب منه التنقل بين الأقسام بشكل عشوائي، بل ويُمنع أحيانًا حتى من استخدام الأدوات الدراسية، مثل تنظيف السبورة.
المطلوب اليوم
ينبغي للدولة أن تتحلى بالجدية في التزاماتها القانونية والدستورية تجاه الأمازيغية، وأن تُحاسب المؤسسات التي لم تفِ بوعودها والحكومات التي أهملت هذا الملف. فالوقت قد حان لدق ناقوس الخطر، لأن اللغة الأمازيغية ليست فقط لغة، بل هي هوية مرتبطة بتاريخ وجغرافيا المغرب.
هل ترى أي تحسينات إضافية؟