أهمية الإحصاء في تشكيل السياسات الوطنية تحليل البيانات حول الهوية الأمازيغية.
مقدمة
أيها السيدات والسادة، أعزائي القراء، تحية حارة لكم جميعًا. موضوع هذا المقال هو التعداد السكاني، وهي عملية ستبدأ في الأول من سبتمبر وتنتهي في الثلاثين من نفس الشهر. يهدف هذا التعداد إلى فهم الوضع الديموغرافي والإنساني والاجتماعي للسكان، حيث تُبنى السياسات الحكومية على هذه المعرفة. من هنا، تتضح أهمية الإحصائيات، فهي عملية حساسة تتطلب الدقة؛ يجب ألا تحتوي على أخطاء أو تزوير أو تمثيلات غير صحيحة، لأن أي بيانات غير صحيحة ستؤثر بشكل مباشر على السياسات التي ستتبناها الدولة.
القضية التاريخية.
لقد لاحظنا في السنوات السابقة، وخاصة في تعداد 2004 و2014، أن هناك أخطاء جسيمة ارتكبتها الدولة واللجنة العليا في التعامل مع الهوية الأمازيغية. خلال هذين التعدادين، كانت هناك نتائج تظهر أن الأمازيغ يمثلون 27% من الكلام، وهو رقم بعيد عن الواقع. أظهرت الدراسات أن هناك متحدثين بالأمازيغية في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط، وليس فقط في المناطق النائية.
على الرغم من وجود تعليم اللغة الأمازيغية في المدارس لأكثر من 10 سنوات، إلا أن الهيئة العليا لم تأخذ هذا التطور بعين الاعتبار وتواصل التعامل مع الأمازيغية كلغة محلية لا تمتد إلى المناطق الحضرية. هذا يثير سؤالاً مهماً: لماذا لا يُعتبر الناطقون بالأمازيغية في المدن الكبرى جزءاً من الإحصاءات الوطنية؟
دور الإحصاءات في السياسات.
الإحصاءات هي أداة أساسية في صياغة السياسات الوطنية. إذا بنيت السياسات على بيانات غير دقيقة، فقد يؤدي ذلك إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة تزيد الفجوة بين مكونات المجتمع المختلفة. على سبيل المثال، إذا أظهرت الإحصاءات أن الأمازيغية تُستخدم فقط في بعض المناطق النائية، فإن ذلك سيؤدي إلى إهمالها في السياسات التعليمية والثقافية.
يجب أن تكون استمارات التعداد أكثر دقة، حيث تسأل عن اللغة اليومية ولغة الأسرة، وليس فقط اللغة التي يتحدث بها الشخص مع الممثل. على سبيل المثال، إذا دخل الممثل عائلة ناطقة بالفرنسية، فقد يسجلهم فقط كناطقين بالفرنسية دون أن يأخذ في الاعتبار الأمازيغية. يمكن أن تؤدي هذه المشكلة إلى نتائج مشوهة تدفع الدولة لاتخاذ قرارات بناءً على معلومات غير دقيقة.
أثر ذلك الأيديولوجيا على التعليم.
من المهم أن نلاحظ أن بعض المعلمين قد يحملون أفكارًا تتعارض مع الهوية الوطنية بمكوناتها المتنوعة. أحيانًا يتجاهلون الأمازيغ في المناهج الدراسية، مما يعزز وضع التهميش. إن غياب التعليم الجيد باللغة الأمازيغية واحتقار بعض المعلمين لها يمكن أن ينتج أجيالاً لا تعترف بهويتها.
لذا، تُظهر الإحصاءات التي أُجريت في عام 2014 أن الأمازيغية لم تُعتبر لغة رسمية، على الرغم من أنها معترف بها دستورياً. يُعتبر الفشل في الاعتراف بالأمازيغ كجزء من الهوية المغربية فشلاً كبيراً في التعامل مع التنوع الثقافي في البلاد. هذه المسألة تتطلب محاسبة المفوضية العليا، التي يبدو أنها تتجاهل الدستور وتنتهكه.
الحاجة إلى التصحيح.
يجب أن نؤكد على ضرورة تصحيح هذه الأخطاء التاريخية. إذا كان هناك رغبة حقيقية في تقديم نتائج دقيقة وصادقة، يجب علينا إعادة النظر في طريقة جمع البيانات. يجب أن تأخذ الإحصائيات الأمازيغية بعين الاعتبار كلغة رسمية، وينبغي أن يُعامل الناطقون بها في المدن الكبرى بنفس الطريقة التي يُعامل بها الناطقون بالعربية أو الفرنسية.
يجب أن نتذكر أن اللهجة المغربية ليست اللغة الوحيدة التي تتحدث بها الأسر؛ هناك العديد من الأسر التي تتحدث الأمازيغية بالإضافة إلى العربية والفرنسية. يجب تسجيل هذه البيانات بدقة في النماذج.
خاتمة
في النهاية، إن إجراء إحصاء دقيق وعادل هو ضرورة ملحة لضمان حقوق جميع مكونات المجتمع المغربي. إذا استمرت اللغة الأمازيغية في تجاهلها كجزء من الهوية الوطنية، فسنبقى محاصرين في دائرة مفرغة من الأخطاء وسوء الفهم. نحتاج إلى الاعتراف بالتنوع الثقافي واللغوي في بلدنا وندرك أن الأمازيغية ليست مجرد لغة محلية بل هي جزء لا يتجزأ من الهوية المغربية. إن الجهد لتصحيح هذه الأخطاء هو مسؤولية جميع المغاربة، سواء كانوا في الحكومة أو في المجتمع المدني.
من المهم احترام دستور البلاد والعمل على تنفيذه، واعتبار الأمازيغ جزءًا من تاريخنا وثقافتنا. لن تكون هناك سياسة ناجحة ما لم تكن مبنية على بيانات حقيقية وموضوعية تعكس واقع المجتمع المغربي بكل تنوعه.
ذ: عصيد