المغرب.. عاصمة تكنولوجية جديدة في صناعة أشباه الموصلات
الدارالبيضاء مركز اقتصادي وتقني صاعدفيخطوة تعزز مكانتها كعاصمة اقتصادية وتكنولوجية للمغرب، أطلقت الدار البيضاء، أول قطب مالي في القارة الإفريقية، خط إنتاج جديد لتوسيع نفوذ المملكة في مجال صناعة أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية. وتأتي هذه الخطوة في وقت يتوقع فيه الخبراء أن يصل حجم السوق العالمي لهذه الصناعة إلى 1.21 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2029، مما يعزز آمال المغرب في فرض هيمنته القارية والانضمام إلى نادي الدول المصنِّعة لهذه التقنية الحيوية.
ما هي أشباه الموصلات؟ ولماذا هي مهمة؟
تعد أشباه الموصلات تقنية تجمع بين خصائص الموصلات الكهربائية والعوازل، مما يجعلها العنصر الأساسي في صناعة الرقائق الإلكترونية. تستخدم هذه التقنية في عدد لا يحصى من التطبيقات الحديثة، بدءاً من الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب، وصولاً إلى السيارات الكهربائية، وصواريخ الفضاء، وأنظمة الأمن السيبراني.
تشكل هذه الرقائق نواة للتقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وشبكات الجيل الخامس. مع تزايد الطلب على هذه التكنولوجيا، تتنافس القوى العالمية، وخاصة الولايات المتحدة والصين، على السيطرة على هذه الصناعة الاستراتيجية التي تعتبر مفتاح المستقبل الاقتصادي والتقني.
اللاعبين الرئيسيين في السوق العالمي
تهيمن على السوق العالمي لشركات أشباه الموصلات كيانات عملاقة مثل شركة “إنفيديا” الأمريكية، التي ارتفعت قيمة أسهمها بنسبة 231% خلال عام واحد. خلفها تأتي شركات مثل “TSMC” التايوانية و”برودكوم” الأمريكية، في حين أن “سامسونج” الكورية الجنوبية تراجعت إلى المركز الرابع بسبب انخفاض أرباحها بنسبة 14.3% في العام الماضي.
ومع ذلك، لا يزال السوق العالمي مفتوحاً أمام لاعبين جدد، خاصة مع توقعات بأن ينمو القطاع بمعدل سنوي مركب قدره 10.86%، ليصل إلى 1.1 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2029.
المغرب: لاعب جديد في صناعة أشباه الموصلات
بدأت قصة المغرب مع أشباه الموصلات منذ منتصف التسعينيات، مع تأسيس مصنع تابع لشركة “STMicroelectronics” الفرنسية-الإيطالية في منطقة بوسكورة بالدار البيضاء. يعتبر هذا المصنع حالياً الأول من نوعه في المغرب، حيث ينتج 7 ملايين شريحة إلكترونية سنوياً ويوفر أكثر من ألف وظيفة مباشرة، فضلاً عن آلاف الوظائف غير المباشرة في سلاسل التوريد والخدمات المرتبطة.
تمثل منتجات أشباه الموصلات حوالي 30% من صادرات المغرب الإلكترونية. ففي عام 2022، بلغت قيمة صادرات المملكة من هذه الأجهزة 606 ملايين دولار، موجهة إلى أسواق رئيسية مثل الولايات المتحدة واليابان، مما يؤكد جدية المغرب في التحول إلى قطب صناعي في هذا المجال.
استراتيجية المغرب لتعزيز مكانته
لم تأتِ جهود المغرب من فراغ؛ فبفضل استقراره السياسي والاقتصادي، أطلق سلسلة من المبادرات لدعم التكنولوجيا الحديثة. تشمل هذه الجهود تقديم حوافز ضريبية للمستثمرين، وتطوير مناطق صناعية مخصصة للأنشطة التكنولوجية والإلكترونية، فضلاً عن عقد شراكات مع شركات عالمية لنقل الخبرات إلى الكفاءات المحلية.
ومع ذلك، فإن نقص الكوادر البشرية المؤهلة يمثل تحدياً كبيراً قد يعرقل مسيرة المغرب في هذا المجال. ويتطلب النجاح في هذه الصناعة توظيف المزيد من العمالة الماهرة التي يمكنها مواكبة التطورات التقنية المتسارعة.
مستقبل صناعة أشباه الموصلات في المغرب
في ظل التوسع العالمي السريع لهذه الصناعة، يسعى المغرب إلى احتلال موقع الريادة قارياً. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سيتمكن المغرب من احتكار الحصة الأكبر من سوق أشباه الموصلات في إفريقيا، أم أن المنافسة ستظل لصالح جيرانه الذين تربطهم شراكات استراتيجية مع القوى الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة؟
شاركنا رأيك حول مستقبل هذه الصناعة في التعليقات.